تقرير يكشف ثروات واعداد الاخوان المسلمين


ظل النظام يتعامل بشيء من الاستخفاف مع جماعة الإخوان المسلمين، لم يكن هناك تقدير حقيقي لحجم ولا قدرات ولا خطط الإخوان المسلمين، كان الاعتماد الأساسي في التعامل مع الجماعة يتم بناء علي أدبيات قديمة، لكن حدث ما جعل النظام ينتبه إلي ما تمثله الجماعة من خطر وإلي ما تمثله من تحدٍ حقيقي في الشارع السياسي المصري.

في السنوات الأخيرة بدر من الإخوان ما أكد لدوائر عديدة في النظام أن الجماعة ماضية في مخططها للتمكين من قطاعات المجتمع، وهي الخطة التي ستستطيع الجماعة من خلالها أن تسيطر علي كل شيء، وساعتها ستكون مصر مثل الثمرة الناضجة التي ستسقط في حجر الجماعة بلا أدني مجهود.

كان هذا تحديدا هو الدافع لإعداد دراسة موسعة وموثقة عن الحجم الحقيقي لجماعة الإخوان، وهي الدراسة التي حصلت علي نسخة منها من ملفات المركز العربي للدراسات والبحوث الذي يرأسه ويديره الباحث عبد الرحيم علي، الدراسة أعدت بعناية وأشرفت عليها جهات مهتمة بمتابعة النشاط الإخواني عن قرب، وفيها وربما لأول مرة تقديرات عن حجم جماعة الإخوان المسلمين بالضبط،من حيث التعداد والثروة والإمكانات والطموحات والخطط.

يشير التقرير النهائي للدراسة إلي أن عدد العناصر الإخوانية المؤثرة يصل إلي 5200 عنصر، وهؤلاء يمثلون قمة الهرم في القيادات العليا والوسيطة في التنظيم، وينتمون إلي تنظيمات معينة ومحددة في الجماعة وهي مجلس الشوري العام للجماعة،ومجالس شوري المحافظات وأعضاء المكاتب الإدارية ومسئولي اللجان النوعية بالمحافظات ومسئولي الشعب ونقباء الأسر.

ويصل إجمالي العناصر الإخوانية إلي 26 ألف عنصر،وهم الذين يمكن اعتبارهم الأعضاء العاملين والفاعلين في الجماعة،وهؤلاء موزعون علي 29 نطاقا، موزعة بدورها علي 25 محافظة و4 قطاعات في القاهرة الكبري.

أما أعضاء الأسر التمهيدية والمنتسبين والمحبين (وهو تعبير عن درجات العضوية في الجماعة) فيصل عددهم إلي 300 ألف إخواني في مختلف محافظات مصر، وفي أعلي التقديرات فإن كل عنصر من هؤلاء يمكن أن يكون مؤثرا في عشرة أفراد أو يتحكم فيهم من خلال العلاقات الشخصية أو الأسرية، وعليه فيكون نطاق التحكم الذي تملكه الجماعة نحو 3 ملايين مواطن.

تملك الجماعة طبقا للتقرير ودائع في البنوك بأسماء أعضائها أو شركات يملكونها أو يساهمون فيها تصل إلي 100 مليون جنيه مصري،ولو صح التقدير الافتراضي الذي يتعامل مع مدي تحكم الإخوان في 3 ملايين مواطن،وعلي فرض أن متوسط الاشتراكات التي تسدد للجماعة يمكن أن يصل إلي 20 جنيها فقط،فإن الدخل الشهري الذي يمكن أن تحصل عليه الجماعة هو 60 مليون جنيه شهريا،ويصبح الدخل مهولا ففي العام الواحد يصل إجمالي ما تحصده الجماعة إلي 3 مليارات و200 مليون جنيه مصري.

يرصد التقرير أيضا المحاور الأساسية التي يعمل الإخوان علي أساسها، وهي ثلاثة محاور،الأول وهو العمل علي تغيير الشعب المصري من خلال ما يطلقون عليه خلق مواطن مسلم في حياته اليومية وفي سلوكه،والثاني هو تغيير المؤسسات العاملة في مصر،وصبغها بصبغة إسلامية،وذلك من خلال اقتحام هذه المؤسسات من خلال أعضاء الجماعة،سواء كانوا في صورة نواب في مجلسي الشعب والشوري أو النقابات أو نوادي أعضاء هيئات التدريس أو حتي المؤسسات الأمنية،المحور الثالث هو تغيير بينة الدولة علي أساس أن تكون إسلامية،وإذا تغيرت بنية الدولة فإن هذا يمكن أن يسهل تغيير توجه الحكام نفسه.

هذه المحاور الثلاثة يجري تنفيذه من خلال أربعة إجراءات محددة،حيث تحرص الجماعة علي التعريف بالدعوة الإخوانية وذلك من خلال المساجد والمدارس والندوات والجامعات،والتكوين وهو أمر خاص باستكمال الهيكل التنظيمي للجماعة بما يضمه من تشكيلات،ثم التنفيذ ويتم من خلال إحداث تغيير جذري في بنية المجتمع المصري علي أسس إسلامية خالصة، وفي النهاية تصل الجماعة إلي مرحلة التمكين،وهو الأمر الذي يمكنها في النهاية من القفز علي السلطة في أعلي مستوياتها.

ويرصد التقرير الظروف السياسية الحالية التي أجبرت جماعة الإخوان المسلمين علي أن تتحلي ببعض التوجهات التي لا تعكس حقيقة ما تريده،لكنها في النهاية تعتبر توجهات مرحلية فقط،وهذه التوجهات يمكن رصدها في الآتي:

أولا:البحث عن الشرعية...وذلك من خلال محاولة اكتساب موافقة القيادة السياسية علي ممارسة الجماعة لنشاطها بشكل علني،حيث ألقت الجماعة بنفسها في حوارات مع قوي المعارضة المختلفة،وانخرطت في كل جماعات التغيير بداية من «كفاية» وحتي جمعية البرادعي للتغيير،وكانت الرسالة الواضحة هي مغازلة النظام،الذي لو لوح للجماعة بإشارة ولو عابرة فإنها يمكن أن تترك المعارضة وتلبي كل ما يطلبه النظام منها.

وفي سبيل اكتساب الشرعية دخلت الجماعة الانتخابات البرلمانية والنقابية وذلك في محاولة منها لاستعراض قوتها أمام الراي العام،وإظهار نفسها بمظهر القوي الذي له ثقل لا يمكن تجاهله،كما حاولت الجماعة أن توحي للرأي العام ليس المحلي فقط ولكن العالمي أيضا أن الإخوان يمثلون قوة لا يمكن انتزاعها بسهولة من السياق المجتمعي العام في مصر،كما انخرطت الجماعة أيضا في العديد من المؤسسات الشرعية مثل الاتحادات الطلابية ونوادي أعضاء هيئات التدريس والنقابات.

ثانيا: تثبيت علاقة الدين بالسياسة...وذلك من خلال التحالفات الكبري مع الأحزاب،وهو ما حدث حتي مع النظام الحاكم في انتخابات 2005،وهي الصفقة التي أعلن عنها مهدي عاكف بنفسه واستطاعت الجماعة من خلالها أن تحصل علي 88 مقعدا في مجلس الشعب،كما تحرص الجماعة في هذا السياق أيضا علي إصدار بيانات تجمع ما بين الديني والسياسي تعلق من خلالها علي كل ما يقع في المجتمع من أحداث،حتي تثبت الجماعة للرأي العام أنها موجودة ومؤثرة ولها رأي في كل ما يجري،وكذلك السعي إلي تأسيس حزب سياسي وذلك من خلال الرسائل غير المباشرة،وكان أهمها ما قاله عبدالمنعم أبو الفتوح من أنه يمكن تأسيس حزب إخواني إذا ما أزيلت العوائق التي يمكن أن تحول دون ذلك،في إشارة إلي أن هذه العوائق يمكن أن يزيلها النظام،بما يعني أن تأسيس حزب للإخوان مرهون بإرادة النظام.

ثالثا: الموقف من العنف.. فالجماعة تحمل علي عاتقها اتهاما لا يمكنها أن تتخلص منه بسهولة، وهو أنها الجماعة التي مهدت الطريق أمام العنف في المجتمع المصري، بل إنها كانت المصدر الأساسي لكل جماعات العنف في العالم.

وهنا مساران،الأول أن الجماعة تقوم بنفي أي علاقة لها بالعنف،والثاني أنها تربي كوادرها علي أن العنف المشروع الذي يهدف إلي الوصول للسلطة ليس عنفا ولا إرهابا،وهو ما يبدو فيما تبديه الجماعة من تصرفات فعلية من مساندتها لحزب الله وحركة حماس،بل إن الجماعة ليست لديها أية مشكلة أن ترسل بعضا من أعضائها إلي الأماكن الساخنة في العالم وذلك للتدريب علي أعمال العنف،وذلك حتي يكون لديها فريق مدرب،لابد أن الجماعة ستحتاج إليه في الوقت المناسب،وهو الوقت الذي ستحدده الجماعة بنفسها.

وليس بعيدا عن هذا الاتجاه تركيز الجماعة علي بعث أفكار سيد قطب من جديد،بل إن أفكار قطب أصبحت هي المنهج الأساسي للتدريب داخل جماعة الإخوان المسلمين،وقد تم تدعيم هذه الاتجاه بعد أن وصل محمد بديع إلي منصب مرشد الجماعة العام،فهو من تلاميذ سيد قطب المباشرين،ومن المتحمسين جدا لبعث أفكاره من جديد.

نفي الجماعة لتبنيها العنف كمنهج حركي لم يمنعها من أن تقوم بتشكيل لجان للردع،وهي لجان مكونة من أعداد محددة من الشباب المدربين علي فنون الكاراتيه والكونغو فوومهمة هذه التشكيلات الأساسية هي حماية المرشحين الإخوان أمام اللجان المختلفة،وحماية صناديق الانتخابات إذا ما اقتضت الضرورة لذلك.

هذه الفرق لم تظهر في أعمال الإنتخابات بعد،لكنها مارست عملها في الجماعات،وقد بدا ذلك من خلال الاشتباكات العابرة التي وقعت بين شباب الإخوان وبين أعضاء الاتحادات الطلابية الرسمية،وقد بدا أن شباب الإخوان تم تدريبهم علي فنون القتال بشكل مؤكد.

تدريب أعضاء الجماعة علي استخدام السلاح،يشمل أيضا إيفاد شباب الإخوان إلي المناطق الملتهبة في العالم،تحت مظلة لجان الإغاثة. يذهب الإخواني إلي المنطقة الملتهبة يشارك في عمليات الإغاثة لكنه في الوقت نفسه يتلقي تدريبات مكثفة،وعندما يعود يتحول إلي بطل وفي الوقت نفسه يكون قد أعد نفسه للمعركة القادمة.

في مساحة الوضع الملتبس للعنف في الجماعة فإن النفي التام الذي تمارسه الجماعة لتحبيذها للعنف أو استخدامه في أي فترة من فتراتها التاريخية أو المعاصرة،يصاحبه رصد من قبل التقرير بأنه لا توجد أيه اتجاهات داخل الجماعة للتسليح أو شراء السلاح في الوقت الحالي،لكن المذهل أن هناك تقريرا أعدته جهة أمنية عن أحد الاجتماعات التنظيمية الخاصة والسرية في الجماعة،يؤكد هذا التقرير أن هناك قيادات داخل الجماعة أشارت إلي أن توفير السلاح أمر يسير إذا ما احتاجت الجماعة إليه في أي وقت،وقد تكون العقبة الوحيدة أمام ذلك هي التمويل،لكن إذا توفر التمويل فجلب السلاح أمر هين وبسيط.

الأهم في هذا التقرير والذي يمكن أن يسبب إزعاجا بالفعل، هو ما تم رصده من خطة إخوانية محكمة لاختراق الأسر والعائلات السياسية الكبيرة والأمنية التي يشغل أصحابها أماكن حساسة، وقد نجحت الجماعة في أن تفعل ذلك أكثر من مرة، ولعل أهمها وأشهرها عندما تزوج نجل أحمد مشهور شقيق مرشد الإخوان مصطفي مشهور من ابنة وزير الداخلية السابق حسن الألفي.

لقد قيلت أسباب كثيرة في توتر علاقة حسن الألفي بالنظام الحاكم،لكن لم يشر أحد إلي أن زواج ابنته من ابن شقيق المرشد شخصيا كان مزعجا بما يكفي،إذ إنه افتقد وقتها للياقة السياسية،فالمفروض أنه المسئول الأمني الأول الذي تقع علي كتفيه مهمة مواجهة أفكار الإخوان،فكيف يتداخل معهم شخصيا وعائليا إلي هذه الدرجة.

قد يكون هدف الإخوان من ذلك ان يتم تذويب الجماعة في المجتمع بشكل كامل،وهو ما جعلها تتجاوز الأسر السياسية إلي عائلات الشخصيات العامة،وهو ما حدث مثلا مع عائلة عادل إمام،عندما تزوج ابن القيادي الإخواني نبيل مقبل من سارة ابنة عادل إمام،صحيح أن النسب لم يكن مفيدا ولا مجزيا للجماعة،فعندما تم القبض علي عدد من قيادات الجماعة في بيت نبيل مقبل،كان عادل إمام في إجازة بمارينا،ولم يفكر حتي أن ينزل القاهرة لمتابعة الموقف،بل إنه تجاهل الأمر كله،وكأنه لا يعرف شيئا عن نبيل مقبل.

الجماعة في خطتها الجديدة تحاول تطوير هذه الأداة،فهي تجعل من الزواج والنسب وسيلة لتخطي الحواجز الاجتماعية مع فئات المجتمع الأخري،وقد مهدت لذلك من خلال نساء الجماعة اللاتي يقمن بمد جسور التواصل مع نساء العائلات الكبيرة،وخاصة العائلات الأمنية والسياسية،وذلك من خلال دعوتهن لدروس دينية في الدروس أو في المساجد،أو من خلال الدعوة إلي المشاركة في أنشطة الجمعيات الخيرية التي يشرف عليها الإخوان،وخطوة خطوة تتوطد العلاقات بين الأسر الإخوانية والأسر الأمنية،ويصبح من الصعب الفصل بينهما،إذا امتدت علاقات الود والمصالح.

العلاقات مع العائلات الأمنية هدف للجماعة ليس علي مستوي العائلات فقط، لكن علي مستوي اختراق المؤسسة الأمنية بشكل عام،وهنا تحديد يأتي الدور الذي يمكن أن يلعبه نواب الإخوان،فمن خلالهم أو من خلال العلاقات التي نجحوا في تكوينها يستطيعون أن يساهموا في إدخال عدد كبير من شباب الإخوان إلي الكليات العسكرية علي اختلاف أنواعها، وهؤلاء الشباب في النهاية لا يعلنون عن انتمائهم السياسي للجماعة،حتي لا يتم رفضهم،وتكون دراستهم في هذه الكليات فرصة للتدريب علي الفنون القتالية.

شيء من هذا أيضا يحدث عندما يتقدم شباب الإخوان إلي الخدمة العسكرية،في الغالب وبعد أن يكشف المتقدم للتجنيد عن هويته الإخوانية كان يتم رفضه علي الفور،ولم يكن هذا أمرا خاصا بالإخوان المسلمين فقط، ولكنه كان يتم مع شباب مختلف الاتجاهات السياسية في مصر،الآن يخفي شباب الإخوان هويتهم الإخوانية حتي لا يتم رفضهم،حيث يعتبرون دخول الجيش أمرا مهما،فمن ناحية يمكن تدريبهم علي السلاح بشكل قانوني دون أن يتعرضوا لأي ملاحقات قانونية،ومن ناحية ثانية يقيمون علاقات اجتماعية مع زملائهم وقياداتهم،لكن الأمر المؤكد حتي الآن أن الإخوان يتعاملون بحذر في هذه الخطوة.

اختراق الأجهزة والعائلات الأمنية لا يتم بشكل مباشر فقط من خلال الزواج والدعوة، لكنه يتم بشكل غير مباشر أيضا،وذلك من خلال تكثيف التواجد الدعوي الإخواني في الأماكن القريبة من المناطق الأمنية،كأن يتواجد الدعاة الإخوان في المساجد والزوايا القريبة من المناطق الأمنية،والهدف الأساسي من ذلك هو تغيير التركيبة النفسية والفكرية للنخبة الأمنية،حيث تسعي الجماعة إلي كسب تعاطف الأمن معها ولو بشكل مؤقت،وفي هذه الحالة إن لم يقم الأمن بحماية الإخوان فإنه علي الأقل سوف يلتمس لهم


المصدر : الفجر

مقاطع الفيديو
زفاف ابنة المهندس خيرت الشاطر النائب الأول لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين

No comments: